نعتذر عن اكمال الرد على اجاباتكم نظرا لكثرة الأسئلة وانشغال الضيف وانتهاء وقت الحوار

وسيقوم ضيف الحوار بالرد على أسئلتكم قريبا

نشكر لكم متابعتكم ومشاركتكم

هذا السؤال تكرر من أكثر من سائل ولذلك سنطيل الإجابة في كيفية الرضى بحيث تكون إجابة لجميع الأسئلة المشابهة
الناس ليسو على درجة واحدة من عدم الرضا فبعضهم عدم الرضا لديه شديد وعميق ومتأصل وبعضهم عدم الرضى فيه خفيف ووقتي و يختلف البرنامج العلاجي ومدته بناء على شدة عدم الرضى لكن الفكرة الأساسية التي سيشير إليها باختصار تتركز حول أن الإنسان إذا أحس أن لديه هذه المشكلة عليه أن يقرر بنفسه أن يدخل في برنامج نفسي تأهيلي لرفع مستوى الرضى وهذا البرنامج إما أن يقوم به بنفسه أو أن يطلب المساعدة من المختص النفسي
وهذا لبرنامج من ثلاث خطوات
الخطوة الأولى لتحصيل الرضى
هي الوعي بمعنى أن يكون الإنسان واعيا بأعماق نفسه لماذا هو غير راض عن هذا الأمر أو ذاك ؟
ومن أفضل الطرق لاكتشاف ذلك طريقة ( سجل المواقف ) بحيث يحضر ورقة أو يكتب في الجوال كل ما مر عليه موقف وأحس فيه بعدم الرضى يسجل ذلك ويسأل نفسه لماذا أنا هنا بالذات في هذا الموقف غير راض ؟
ماذا أريد فعلا ولم يتحقق لي ؟
ما الشيء الذي لو تحقق لي لكنت راضياً ؟
ماذا يعني لي عدم حصولي على ما أريد ؟
وماذا يعني لي لو حصلت على ما أريد ؟
هكذا في سلسلة من الأسئلة المتعمقة للغوص في أعماق نفسك لكي تفهمها
إذا تجمع لديك مجموعة من المواقف وأجبت فيها على أسئلة الاكتشاف التي ذكرتها قبل قليل تستطيع حينها أن تكتشف نفسك بشكل أفضل وهذه العملية ليست سهلة دائما وأحيانا تحتاج شخص خبيراً في هذه الأمور يساعدك عليها ولعل المقصود يتضح عليها ولعل المقصود يتضح أكثر في الإجابة على هذه الأسئلة
وهذه هي الخطوة الأولى وهي الوعي
الخطوة الثانية القناعة ببعض قوانيين الحياة المتعلقة بالرضى
وهذه نقطة مهمة فالأبحاث تشير بوضوح أن كثيرا من أسباب عدم رضى الناس نشأت من وجود قناعات سلبية لديهم فإذا تمكنوا من تغيير هذه القناعات السلبية بطرق تغيير القناعات فإن مستوى الرضى عندهم يتحسن.
وسنذكر هنا بعض القناعات المفيدة السليمة والوقت لا يسعنا بكيفية قناعة الإنسان بكل قناعة على حده
ومن هذه القناعات
أولا التسليم بوجود فروق بين الناس فالله تعالى لم يخلق الناس كلهم سواسية بل جعلهم متفاوتين في القدرات
وهذه القناعة مهمة عندما يقع الإنسان في خطأ المقارنات الغبية بينه وبين الآخرين يعتقد هو أنهم أفضل منه
التسليم بأن هذه الحياة مليئة بالأقدار والأحداث التي لا نحبها بمعنى أن الذي لا يرضى في حقيقته كأنه معترض على وجود أشياء وأقدار يكرهها ولا يريد وقوعها وهذا مستحيل لأن الله سبحانه وتعالى لم يخلق الحياة الدنيا لا تكون ( منزوعة المصائب ) بل الدنيا لو كانت كذلك لكانت هي الجنة ولما أصبح للجنة قيمة بعد ذلك ولكن الحقيقة أن الحياة جبلت كما قال الحسن التهامي جبلت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأقذاء و الأكدار
القاعدة الثالثة
تحديد المعنى الحقيقي للنجاح والانجاز لأن بعض الناس لديه مثاليه غير مطلوبة لا شرعا ولا عقلا ولديه سقف توقعات مرتفع جدا لا يمكن بالنسبة له هو أن يصل إليه
القاعدة الرابعة
الإنصاف والعدل في إطلاق الأحكام على نفسك و على الناس ( لا تجلد نفسك ولا تخدعها ) لأن كثيرا من عدم الرضى ناشئا من الإخلال بهذه القاعدة و هذا مشهور جدا لدينا في العلاج النفسي فمثلا يغلب على بعض الناس أنه يركز على السلبيات سواء سلبيات نفسه أو سلبيات الآخرين ويتعامى عن الإيجابيات والإنجازات وسأذكر لذلك مثلا
سيخرج شخصان في نزهة إلى البرية ثم يسألهما شخص آخر بعد انتهاء النزهة عن رأيهما في النزهة فيقول الأول (الحمدالله استمتعنا وأنبسطنا لكن ضيعنا شوي وجانا شوية عجاج ) والثاني يقول ( أف كانت نزهة سيئة جداً ما وصلنا إلا بعد طلوع الروح ضاع وقتنا في البحث عن المكان ويوم جلسنا جاءنا غبار كتم أنفاسنا ) كما تلاحظ الحدث نفسه لكن طريقة نظرة الشخصان له مختلفة
القاعدة الخامسة
أن يعرف الإنسان ما يحسنه وما لا يحسنه ونقاط قوته ونقاط ضعفه وأن تكون لديه الشجاعة الكافية لمواجهة ذلك وأن لا ينخدع ببعض دورات تطوير الذات التي توهم الكثيرين بإنهم كلهم نقاط قوة وليس فيهم نقاط ضعف وترفع لديهم سقف التوقعات و الشغف بأن يكون متميزا في كل شيء ، مع أن سنة الله تآبى ذلك فكل أنسان له ما يحسنه فأنت إذا عرفت نقاط قوتك وما تتميز به فعليك أن تتثمرها وإذا عرفت نقاط ضعفك فعليك أن تحاول تقويتها ولكن لا تضغط على نفسك أكثرمن اللازم لأن العصا ينكسر
القاعدة السادسة
ترك المقارنات
وأنا أسميها المقارنات الغبية وسبب وصفي لها بالغباء أن طريقة الوصول إليها غالبا تكون بدون دليل فمثلا قد تقول المرأة (أنا حظي زفت أخواتي كلهن أزواجهم أغنياء أو على الأقل حالتهم المادية أحسن مني ليش أنا كدة )
وهذه المقارنة بين وضعهم المادي والوضع المادي للآخرين مقارنة غير مفيدة على الإطلاق لأنها في خارج نطاق القدرة والسيطرة وغالب المقارنات التي يقع فيها الناس وتؤدي بهم إلى عدم الرضى من هذا القبيل أقصد من قبيل المقارنات الغير منطقية فلو رجعنا مثلا إلى المرأة التي ذكرتها قبل قليل المتذمرة من وضعهم المادي فإنها تستطيع أن تجد عناصر أخرى للمقارنة هي ربما أفضل من الأسر الأخرى أما بشخصية زوجها أنه أفضل من الآخرين في تعامله معها أو أبنائها أفضل من أبناء الآخرين أو من الناحية الصحية و العلمية أفضل من الآخرين فلماذا التركيز على معيارا واحد فقط من بين معايير كثيرة قابلة للمقارنة .
القاعدة السابعة
(الطموح الواقعي ) وهذا المصطلح أقصد به التوازن بين الطموح من جهة وبين الواقع من جهة أخرى فنحن نريد أفراد فاعلين ذو طموح عالي وهمة عالية ولكن في نفس الوقت نريدهم واقعيين في طموحهم وأن يبذلو الأسباب لتحصيل المردات مع الاستعانة بالله تعالى والتوكل عليه .
هذه هي الخطوة الثالثة

الخطوة الثالثة: ان يتصرف الإنسان كما يتصرف الراضون، فيحاكيهم ويتأسى بهم، حتى ولو لم يكن مقتنعا في البداية .. لأن التصرف الصحيح يقنعك بنفسه، مثلاً:
1) تعلم مهارات ترك التذمر والتشكي والتشخط
توقف عن كلمات التذمر والتشكي فوراً .. وكلما وقعت منك كلمة تذمر انتبه لها ولا تكررها مرة أخرى
2) أيضا توقف عن النقد الشديد الجارح غير المنصف .. وكلما وقعت فيه قل لنفسك: هذا ليس عدلا .. عند تقييمك لنفسك او للآخرين أو للحياة: تاكد انك كنت منصفا .. وفتش عن النعم والخيرات والحسنات
3) التفتيش عن جوانب النجاح والإنجاز والنعم التي وهبك الله إياها .. لا تركز فقط على جوانب الإخفاق
4) تعود على التامل والتفكر في نفسك والناس والدنيا .. لكن بناء على القواعد التي تكلمنا عنها سابقا
5) اعمل أشياء يسيرة وسهلة تبعث فيك الشعور بالرضى. .

الرضا النفسي مرتبط ارتباطا كبير بمستوى السعادة و مرتبط أيضاً بالوقاية من بعض الأمراض النفسية وخاصة الاكتئاب فهناك أدلة كثيرة على أن الأشخاص الذين لديهم مستوى عالي من الرضا يصابون أقل من غيرهم بالاكتئاب لأنهم ينظرون إلى أنفسهم وإلى الآخرين وإلى إحداث الحياة وإلى المستقبل بنظرة واقعية متفائلة يملؤها الرضا والقبول
ومن فوائد الرضا من الناحية الشرعية أن الرضا أحد المقامات الشرعية الفاضلة التي يثاب عليها الإنسان وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه " أرضى بما قسم الله لك تكن أغنى الناس " وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخير كله في الرضا وقال أبو الدرداء رضي الله عنه ذروة سنام الإيمان الصبر للحكم و الصبر و الرضا القدر
ومن فوائد الرضا الشعور الفوري بالسكينة و الانشراح والسرور ومن فوائد الرضا أن يتخلص الإنسان من التذمر والتشكي و التأفف والتسخط وهذه الأشياء مزعجة جدا للآخرين

التقلب في النفس البشرية جزء من طبيعتها، والرضى يكون بالتسليم بهذه الحقيقة النفسية، لا يمكن أن تكون حياتنا على وتيرة واحدة من السرور، والتقلبات في الحياة جزء من طبيعتها، ولو تأملت إن التقلب نفسه هو الذي يعطي قيمة للأشياء الجميلة.

هذا السؤال مهم لأنه يجيب عن السؤال الفلسفي المشهور في موضوع الرضا وهو هل الرضا مرتبط بالإنجاز أو أن الرضا أمر داخلي ليس له علاقة بالإنجاز الخارجي والغالب أن الناس يعتقدون أن الرضا مرتبط بمستوى الإنجاز فكل ما كان مستوى الإنجاز أعلى يظنون أن الرضا يرتفع أيضاً لكن الأبحاث العلمية الكثيرة والتجربة العيادية والتربوية تؤكد أن هذا غير صحيح بمعنى أن الإنسان قد تكون لديه إنجازات كثيرة ومع ذلك لا يكون راضيا وقد تكون إنجازاته أقل ويكون مستوى الرضا عنده عالياً
وهذا يقرر القانون الكبير في علم النفس وهو أن الرضا أمر داخلي مرتبط بالقيمة التي تعطيها أنت للأشياء والأحداث التي تحصل لك أو تحصل لغيرك وأوضح مثال لهذا الدراسات المشهورة التي قارنت بين مستوى السعادة في الدول الفقيرة الشرقية كالهند مثلا ومستوى السعادة لدى الدول المترفة كأروبا و أمريكا وكانت النتائج مصدقة لكلام الحكماء القديم أن السعادة ليست مرتبطة لا بالفقر ولا بالغنى فالهندي الفقير الذي لا يجد قوت يومه إلا بصعوبة ويضطر أن يمشي مسافات طويلة مشيا على الأقدام ليصل لمكان عمله هذا الهندي ربما يكون أكثر سعادة من الأوربي المترف الغني وقد ذكرت هذا المثال بالتحديد لأنه مشهور في الأبحاث العلمية
و يمكنك أخي أحمد أن تطبق ما ذكرناه على الأداء والإنجاز الوظيفي .

تمت الإجابة على هذا السؤال، ونأمل منك التكرم بمراجعة الحوار

التعامل مع الشخص المتذمر و(الشكّاي) ليس سهلاً، ويحتاج إلى صبر، ولكن لابد من ذلك، خاصة إذا كان هذا الشخص من الأقرباء، الأبناء، أو الزملاء في العمل. وقد يكون التعامل مع مثل هؤلاء الأشخاص تجربة نفسية ثرية لتطوير أنفسنا أولاً وابتداءاً، عموماً من المهم مصارحة مثل هذا الشخص بنمطه في التذمر والشكاية، بأسلوب لطيف وأخوي، ثم ندله على البرنامج بالخطوات الثلاث التي ذُكرت في الحوار.

الخطوة الأولى هي القدوة، فإن التجربة والأبحاث أثبتت أن الطريقة الكبرى في التربية هي القدوة، سواء كانت قدوة الآباء أو قدوة الإخوان أو قدوة الزملاء في المدرسة أو قدوة أبناء الجيران، أو قدوة ما يراه في التلفاز وبرامج الأطفال. فإن الطفل يتعلّم بالمحاكاة والتقليد والتأثر بقدر كبير جداً، فإذا كنا راضين ويظهر هذا على تصرفاتنا، فإن أبناءنا سيتشربون هذا.
الخطوة الثانية وهي التذكير لأبنائنا بالنعم التي يعيشون فيها، وبقدراتهم التي يملكونها ومنحهم الله إياها، وبالرضى في أوقات الأزمات، وهذا يكون بالطرق المعروفة في التربية، القصة، والتربية بالأحداث، وغير ذلك.

جلد الذات المبالغ فيه أحد صور عدم الرضى، لأن الرضى يتضمن كما ذكرنا سابقاً أن يرضى الإنسان عن القدرات التي منحه الله إياها، لكن إذا كانت نظرة الإنسان لنفسه نظرة قاسية غير منطقية وغير عادلة، وغير منصفة، فإنه يحاكم نفسه محاكمة الجلاد، والقاضي الظالم، وهذا من غرائب النفس البشرية، فإن الإنسان برغم أنه يحب نفسه كثيراً، إلا أنه قد يكون أكثر الناس ظلماً لنفسه، حينما يبالغ في تقريعها، والمطلوب كما هو معروف في الشريعة وفي علم النفس، الإنصاف، فلا يرضى الإنسان عن الأخطاء والتقصير التي يرتكبها، ولكن يصححها، ولا يقرع نفسه، فإن التقريع ليس مطلوباً، لا شرعاً ولا نفساً، أما الندم المؤقت فهو مطلوب، والرسول صلى الله عليه وسلم: "الندم توبة" والمقصود هو الندم المؤقت، يكون حافزاً للتصحيح واستئناف الحياة، ومما يساعدك يا أخت أمل أن تتدربي في الأسبوع القادم على رؤية إيجابياتك وإنجازاتك وما منحك الله من قدرات، وأن تسألي الناس الذين يحبونك عن ذلك، حتى تكتشفين النصف الآخر من أمل الذي ربما ستفاجئين بجماله وبهائه.

هناك مقاييس نفسية كثيرة تقيس مستوى الرضى النفسي وأكثر هذا المقاييس غربية وبعضها مترجم لكنها للمتخصصين والطريقة التي نستخدمها في العيادة مع المرضى هي مناسبة هنا طريقة المقياس السطري وفكرة المقياس السطري أنه خط عرضي على طرفيه الأيمن يكون المستوى الأعلى من الرضى وعلى طرفه الأيسر يكون المستوى المنخفض جدا من الرضى فمثلا هنا على الطرف الأيمن الشخص الذي راض عن الأقدار والمصائب والأزمات وراض عن القدرات التي أعطاه الله إياها ولديه درجة عالية من الشعور من الامتنان والشكر والحمد لله تعالى على ما وهبه و تصرفاته وألفاظه تدور حول الحمد والرضى والسكينة النفسية والسرور
وعلى الطرف الأيسر هو الشخص المعترض على الأقدار غير الراضي بما قسم الله له وما كتب الله له ويكثر منه التذمر والتشكي والتسخط والجلد الشديد للذات واحتكار النفس ويكثر منه حتى عدم الرضى عن الناس والتشكي عن أحوال الناس والتأفف والتذمر .
ولكي يعرف الإنسان في أي نقطة من هذا المقياس ينظر إلى هذا المقياس وهو مقسم إلى عشرة فقرات ونطلب منه أن يقيم نفسه بنفسه وأين يضع نفسه في هذا المقياس السطري مع ملاحظة أن ليس هناك إنسان كامل وليس هناك شخص سيئ مائة في المائة ولكن هناك أناس أقرب إلى اليمين وأناس أقرب لليسار.